إدارة التغيير
اتسم عصر المعلومات ببيئة عمل سريعة التغيير
وتتزايد فيها متطلبات الأداء حيث تواجه المؤسسات تحديات تتعلق بشحن الأداء
والتغيير المستمر للتكيف مع بيئة العمل في معظم الحالات يجب أن تكون التغييرات
سريعة وان يتم تنفيذها بمهارة وان تستهدف بوضوح تنفيذ إستراتيجية عمل فاعلة وقد ظل
موضع التغيير المؤسسي يشكل محور نقاش ثابتا في مجال السلوك التنظيمي والفاعلية
التنظيمية منذ عقود كثيرة كما أن هناك العديد من الكتب والمقالات التي كتبت عن
كيفية التغيير، وقد اجمع العديد من الكتاب على تأكيد دور القيادة في التغلب على
مقاومة التغيير ومعارضته وقد حدد النموذج الكلاسيكي ثلاث مراحل للتغيير تتضمن
المرحلة الأولى خلق حالة من عدم الرضا عن الوضع الحالي بحيث تتخلى المؤسسة عن
أساليبها التقليدية في العمل ويتوقع بعدها أن تدخل المؤسسة مرحلة من التغيير تليها
فترة جديدة من الاستقرار.
اولا: الخلفية التاريخية لإدارة التغيير
التغيير لم يأت من فراغ وإنما مر بمراحل مختلفة سواء كان
ذلك في المنظمات السلعية أو الخدمية ويمكن أن نقول أن كل فترة زمنية تمثل مرحلة
نمو أجازتها المنظمات الناجحة مما سمح لها بالدخول في المرحلة التي تليها.
التغيير في الفكر الاداري
يمكن استعراض الاطار العام او الملامح الرئيسية لما يمكن
اعتباره الفكر الاداري الجديد الذي يتناسب مع معطيات عصر المعلومات حيث تتميز
الادارة الجديدة بملامح اساسية هي:
-
التوجه الاساسي للادارة الجديدة هي التفوق
والتميز باستثمار كل الطاقات الخلاقة للتكنولوجيا الحديثة والقوى البشرية عالية
المهارة.
-
المعيار الرئيسي لنجاح الادارة الجديدة في
تحقيق التفوق والتميز المستهلك هو الغاية التي تعمل كل انشطة وجهود الادارة على
تحقيقها.
-
تعمل الادارة الجديدة على تاكيد وجودها
وزيادة حصتها في اسواق مختارة بعناية.
-
توجيه كل الطاقات الممكنة لتحقيق معدلات نمو
مستمرة ومتزايدة للعوائد على حقوق الملكية المستثمرة في المؤسسة.
-
تتعامل الادارة الجديدة مع المتغيرات
باعتبارها حقائق تكشف عن فرص ومعوقات ومن ثم فالإدارة الجديدة لا تخشى التغيير وإنما
قد تعمل على احداثه فالتغيير في حد ذاته يصبح محلا لاهتمام الادارة فهي ادارة
التغيير او التغيير المخطط.
-
تتبنى الادارة الجديدة مفهوم الابتكار
والخلق باعتباره من اهم الوسائل المؤدية الى التميز والتفوق ومن ثم مساعدة الادارة
على تحقيق أهداف النمو والسيطرة على الاسواق.
-
تعمل الإدارة الجديدة على خلق المناخ التنظيمي
الملائم الذي يسمح بانطلاق أعمال الابتكار والإبداع والمشاركة الجادة للعاملين في
تحقيق مستويات اعلى من التميز والتفوق.
-
تؤمن الإدارة الجديدة أن البشر هم الدعامة
الرئيسية للإنتاج والنجاح ومن ثم فإنها تتبع أساليب متطورة من اختيار الأفراد وإسناد
الأعمال لهم وإتاحة كل الإمكانيات المادية والتنظيمية التي تسمح لهم بالعمل والأداء
المتميز وتعمل في خلق مشاعر المشاركة.
-
تركز الإدارة الجديدة اهتماما كبيرا على التعليم
والتدريب والتوجيه والإرشاد باعتبارها الأساليب الرئيسية لتكوين المهارات والقدرات
للعاملين بما يتناسب مع مطالب العمل، ولكنها أيضا لا تستبعد المواجهة اذا حدث ما
يوجب محاسبة الفرد على تصرفاته ودفعه الى تغييرها إيجابيا.
- تتبنى
الإدارة الجديدة فكرة اعطاء الانتباه بوصفها من واجبات القيادة الرئيسية والانتباه
بمعنى ملاحظة الأداء ومتابعة المؤشرات وتحليل الظواهر ومعايشة المتغيرات وتركيز
الاهتمام على المجالات الواعدة، إن الإدارة الجديدة تعتبر التغيير نتيجة للانتباه،
إن مجرد الانتباه الى أمر أو إنسان سوف يحدث تأثيرا ايجابيا في رأي الإدارة
الجديدة.( درويش،1999).
ثانيا: مفهوم التغيير
التغيير أيضا هو التحرك من الوضع الحالي الذي نعيشه إلى
وضع مستقبلي أكثر كفاءة وفعالية وبالتالي فالتغيير هو تلك العملية التي تتعلم منها
ونكتشف الأمور بصورة مستمرة "(
روبنسون ،جيمس روبنسون 2000:20).
ويرى السلمي (السلمي ،1980 : 278 ) أن التغيير هو عملية
إحداث تغييرات في أهداف وسياسات الإدارة وفي عنصر أخر من عناصر العمل التنظيمي
وذلك لملائمة أوضاع التنظيم مع تغييرات وأوضاع جديدة في المناخ المحيط من أجل أن
تحقق المنظمة سبقا على المنظمات الأخرى باستحداثها أوضاع وأساليب إدارية جديدة
".
ويمكن تعريفه من
قبل ( عارف ،2001 :128-129 ) على انه جهد شمولي مخطط له يهدف إلى تغيير وتطوير
العاملين عن طريق التأثير في قيمهم ومهاراتهم وتغيير التكنولوجيات المستعملة إضافة
إلى العمليات والهياكل التنظيمية من اجل تطوير الموارد البشرية والاجتماعية أو
تحقيق الأهداف التنظيمية أو كلاهما معا ".
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن التطوير هو جهود منظمة
تهدف إلى تحسين التنظيم على اتخاذ القرارات وحل المشاكل وخلق علاقات متوازنة بينه
وبين البيئة عن طريق استخدام العلوم السلوكية.
أهمية التغيير واهدافه
تكمن أهمية التغيير في إحداث تعديلات في سياسات وأهداف التنظيم
باستحداث طرق وأساليب عمل جديدة من اجل التحسين المستمر في الأداء التنظيمي سواء
كان ذلك على مستوى الهياكل التنظيمية للمنظمة أو على مستوى العاملين في التنظيم أو
على مستوى البيئة الخارجية بما يتوافق والتغيرات المستمرة في هذه البيئة من اجل
مساعدة التنظيم على تحقيق أهداف ومكاسب إضافية والمساهمة في إرضاء الفرد وتحقيق
الرفاهية الاجتماعية وتحسين وسائل إرضاء الحاجات الضرورية للأفراد ( الحناوي، محمد
بلا ).
ففي ظل التطور الهائل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا نجد
أن المنظمات تحرص دائما على مواكبة التغييرات البيئية المختلفة سواء كان ذلك بسبب
العوامل الاقتصادية عوامل التطور التكنولوجي، العوامل السياسية، والتشريعات
الحكومية، العوامل الاجتماعية مما يساعدها على الاستمرار والبقاء والنمو بشكل أفضل
وقد تقوم المنظمة من اجل ذلك بعمل تغييرات وتعديلات في الهيكل التنظيمي بما يتضمنه
من خطوط السلطة لقيادة المسؤوليات او مجال أهداف وسياسات المنظمة بشكل عام وذلك
تكيفا مع الظروف والتغييرات الجديدة أما على مستوى الأفراد والعاملين فتتضح أهمية
التغيير في صقل سلوك وقيم واتجاهات الأفراد بحيث تمكنهم من الاستجابة للتغييرات
الكبيرة المحيطة بهم وذلك بغرض رفع مستواهم الوظيفي وكفاءتهم الإنتاجية وتشجيع
العاملين على ممارسة الرقابة الذاتية وزيادة الرضا الوظيفي ورفع مستوى الثقة
والولاء التنظيمي.
أهداف التغيير
يهدف التغيير بالدرجة الأولى الى الانتقال
من الواقع الحالي الى واقع مستقبلي أي تجاوز حال راهنة والانتقال إلى أخرى
فالمؤسسة التي تشهد من حولها تطورات متسارعة وفي كل المجالات لا يمكنها ان تقف
مكتوفة الأيدي ولا ان تهرب من التغيير لأنها ان فعلت تكون قد حكمت على نفسها
بالهلاك فظاهرة التغيير هي ظاهرة ثابتة ومنذ فجر التاريخ وان اختلفت سرعة هذه
الظاهرة عبر العصور.
وهناك هدف آخر يتعلق بالتغيير أو اتجاه التغيير وهذا
الهدف له علاقة بازدواجية مفهوم التغيير فقد يفهم التغيير على انه نافذة المستقبل
الواعد والمشرق أو انه نافذة الوهم والظلام أي الدخول في المجهول وتحديد مسار
التغيير قد يكون أمرا مرغوبا به لدى المؤسسة وخاصة وإذا واجهت المؤسسة منافسة
شديدة فرضت عليها بغض التغييرات.
دواعي
التغيير
تستدعي
عملية البدء في التحضير لعملية التغيير وتنفيذها تفاعل عدة قوى داخلية وخارجية
نجملها على النحو التالي:
القوى
الخارجية المحفزة على التغيير
-
زيادة حدة المنافسة
-
التغير السريع في أساليب
التكنولوجيا المستخدمة في مجال العمل
-
التغيرات السياسية والاقتصادية والقانونية
-
التغيرات في القيم
الاجتماعية السائدة
القوى الداخلية المحركة لإحداث التغيير
-
التغير في الآلات والمنتجات وخطوط الإنتاج
-
التغير في هياكل العمالة والوظائف وعلاقات العمل
-
التغير في الأساليب والإجراءات المتبعة في العمل
-
التغير في الأساليب الإدارية من تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ورقابة
-
التغير في علاقات السلطة والمسؤولية
-
زيادة معدل الدوران الوظيفي
-
تدني الأرباح
خامسا: عوامل التغيير
من اجل معرفة كيفية التعامل مع التغيير
فإننا نحتاج وبدون شك للتعرف على عوامل
التغيير والتي يدخل من ضمنها ( كندر سلي،
2001) :
1-
عوامل اجتماعية:
وهي النزاعات التي تسود المجتمع والمسائل
السكانية والتغيرات التي تطرأ على الأفراد واحتياجات المستهلك والأنماط الاقتصادية
الأخرى ويحتاج المدير إلى معرفة الأنماط الاجتماعية المحيطة التي قد تطرأ وذلك من
اجل معرفة كيفية التعامل مع التغيير وقد تشمل المتغيرات الحضارية ونمط المعيشة
للأفراد والقيم والاتجاهات والأطر الأخلاقية ومستوى التعليم في مجتمع المنظمة.
2-
عوامل اقتصادية:
إن عمليات التقدم الاقتصادي
تتقدم بقوة يتعذر التغلب عليها أو وقفها سواء كان ذلك تغيرات في الأسعار أو في الأسواق
التنافسية مما يدفع الكثير من المؤسسات إلى اخذ الحيطة والتأهب للتوافق مع
التغيرات المفاجئة على كل المستويات وقد نشير أيضا إلى خصائص وتوجهات النظام
الاقتصادي التي تعمل ضمنه المنظمة والدخل القومي.
3-
عوامل تقنية:
تزداد الحاجة إلى استخدام التكنولوجيا وأنظمة
المعلومات في المجالات المختلفة وهناك تطور كبير في ثورة المعلومات التكنولوجية
ويحتاج المدراء إلى تقنية المعلومات للتنافس من اجل البقاء وما عليهم سوى فتح
الباب أمام التطورات التكنولوجية وغالبا ما يكون هناك اثر كبير للتطور التكنولوجي
على العمليات التشغيلية، وعمليات الإنتاج المختلفة مما يؤدي إلى إدخال الآلات
ووسائل وطرق عمل حديثة تحتاج إلى تدريب وتأهيل الأفراد للتعامل معها وأحيانا نحتاج
إلى الاستغناء عن بعض العاملين أو إحداث تغييرات في الوظائف والهيكل التنظيمي.
الإدارة الفعالة ودورها في التغيير الإداري
بالاعتماد على ما سبق الحديث عنه حول أهمية الدور
الإنساني في عملية التغيير فان الإدارة الفعالة تعتبر التغيير تحديا لنجاحها
وتميزها وهنا تأخذ بعين الاعتبار كيفية التكيف مع التغيير والاستفادة منه ومعرفة
حقائقه ومداخله حيث تعمل على زيادة قدرة الفرد على التكيف مع الشيء الجديد المنوي
إحداثه وتعمل على تقليل عملية المقاومة لدى الأفراد للتغيير وذلك بإشراكهم في
عملية صنع القرار وتوضيح أهمية ذلك بالنسبة للعاملين وتعمل على تذليل محدودية
الإدراك والخوف من المجهول لدى الأفراد وتساعد الإدارة الفعالة على بناء خطة تغيير
شاملة متوازنة محددة بإطار زمني مناسب ويعمل على حشد الولاء والالتزام للتغيير من
خلال التشخيص المشترك للمشكلات وتطوير رؤية مشتركة لتنظيم يستجيب لحالة التغيير
المنوي الوصول إليها (النجار، 1994).ويختلف إدراك الإدارة للتغيير حسب مستويات
الهيكل التنظيمي في المنظمة وذلك كما يلي (Ezzamel & Others , 1996 ):
1- الإدارة
العليا فهي تدرك عوامل المنافسة الخارجية والداخلية بما في ذلك أيضا العوامل
السياسية والاقتصادية وتحاول تعظيم النتائج والتركيز على اكبر معدلات للانجاز مع
زيادة الاهتمام بالعملاء وتحسين طرق وأساليب العمل من خلال استخدام تكنولوجيا
متطورة.
2- الإدارة
الوسطى وهي تدرك عوامل نوعية العمل والمرونة في أداء العمل باستخدام تكنولوجيا
معلومات متطورة ووجود علاقات عمل محسنة من خلال بناء فرق عمل وذلك للحصول على أفضل
النتائج وجذب عملاء جدد للمنظمة.
3- الإدارة
الدنيا وتدرك العوامل التي تتضمن نوعية جيدة للخدمات المقدمة وعلاقات متميزة في
العمل واستخدام تكنولوجيا حديثة في العمل.