عملية وضع الاستراتيجية لابد وان تصبح عملية مستمرة ومنتظمة ولا بد ان يكون لها خيط مشترك يمر من خلال نشاطاتها المتعددة لكي تكلل بالنجاح والا فقد تفقد وحدة الاعمال الاستراتيجية وضعها في السوق ، ناقش .
من تعيينات الماجستير - مادة الإدارة الإسترتيجية
من
المشاكل التي تواجه مفهوم الإدارة الاستراتيجية عدم وجود اتفاق حول النموذج الأمثل
لوضع الاستراتيجيات. والواقع أن دراسة الكتابات في هذا المجال توضح وجود ثلاثة
نماذج أساسية لوضع الاستراتيجيات:
§ النموذج
الخطي: وفقاً لهذا النموذج فإن الاستراتيجية تتضمن تحديد بعض الأهداف الأساسية
طويلة الأجل للمشروع, وقيام الإدارة بتبني بعض التصرفات والأعمال, والقيام بتخصيص
الموارد المتاحة لها لتحقيق هذه الأهداف. ومن هذا المنطلق فإن الاتجاه الخطي
لتكوين الاستراتيجيات يعني قيام الإدارة العليا بوضع الأهداف, ثم القيام باتخاذ
القرارات ووضع الخطط كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف.وفي ظل هذا المفهوم فإن عملية
اتخاذ القرارات ينظر إليها على أنها عملية تحليلية تتصف بالانتظامية والتي تتضمن
اختيار تصرف واحد من بين بدائل التصرفات المتاحة, والعمل على وضع هذا التصرف موضع
التنفيذ الفعلي بطريقة عقلانية ورشيدة والتي يحكمها عامل الربح. والواقع أن
الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها هذا النموذج هي التي جعلت استخدام هذا
النموذج في إعداد ووضع الاستراتيجيات داخل المنظمة استخداماً محدوداً, وتتمثل هذه
الافتراضات في أربعة افتراضات أساسية وهي:
أ- افتراض
أن البيئة يمكن التنبؤ بها وبالتغيير الممكن حدوثه فيها, أو بأن تأثير البيئة على
استراتيجيات المنظمة هو تأثير محدود. ومن هنا فإن الخطط التي يتم وضعها في زمن
معين يمكن تطبيقها مع تعديل محدود جداً خلال العمر المتوقع للخطة.
ب- أن
إنجاز الأهداف التي تضعها المنظمة هو الشغل الشاغل لكل الأفراد الذين يعملون
بالمنظمة. فالأهداف يتم شرحها وتقديمها إلى الأفراد في المستويات الإدارية الدنيا
وأن ذلك يؤدي إلى قبولها من جانبهم والعمل على تحقيقها.
ت- إن
حلقة الوصل الأساسية بين المنظمة وبيئتها هي مجموعة المستهلكين الذين تحاول
المنظمة خدمتهم. فأهداف المنظمة يمكن تحقيقها إذا ما تم تعديل المنتج أو الخدمة أو
تعديل في الأسواق التي تتعامل فيها المنظمة بحيث تضمن خدمة المستهلك وإشباع
حاجاته.
ث- افتراض
أن متخذي القرارات داخل المنظمة يتسمون بالرشد ومن هنا فإنهم يتبعون إطاراً
تحليلياً ومنطقياً في تنمية البدائل وفي اختيار البديل الأفضل. ولعل هذا الافتراض
يهمل تكلفة المعلومات والحصول عليها, كما يهمل قدرة الإداري على التعامل مع حجم
المعلومات الهائل الذي يواجه أمامه عند اتخاذه للقرار.
§ النموذج
التكيفي: يعد النموذج التكيفي نتاجاً طبيعياً لتبسيط الأمور من خلال تلك
الافتراضات التي يعتمد عليها النموذج الخطي. وعلى هذا فإن النموذج التكيفي يفترض
وجود علاقة أكثر تعقيداً بين المنظمة والبيئة التي تعمل بها. ويتفق أصحاب النموذج
التكيفي على رؤية الاستراتيجية بأنها محاولة لإيجاد درجة من التماثل بين موارد
ومهارات المنظمة وبين الفرص والمخاطر التي تواجهها المنظمة في بيئة أعمالها, وبين
أغراض المنظمة والتي تسعى إلى تحقيقها. ووفقاً لذلك فإن عملية متابعة البيئة عن
قرب, وبصورة مستمرة, وتنمية الاستراتيجيات التي تواجه أي تغيير في هذه البيئة أو
لمواجهة أي تغير محتمل فيها هو الذي يجعل العملية مستمرة. والواقع أن وجهة نظر
النموذج التكيفي للتخطيط الاستراتيجي إنا أن تكون وجهة نظر تأثيرية أو وجهة نظر رد
الفعل. ووفقاً لوجهة النظر الأولى فهي ترى أن المنظمة يجب أن تعمل بحيث تؤثر
مسبقاً في أي تغيير يمكن أن يحدث في البيئة. فهي أحد المدخلات التي يمكن أن يوجه
نمط التغيير في البيئة. أما وجهة النظر الثانية فهي ترى بأن المنظمة تنتظر حدوث
التغيير في البيئة ثم تقوم ببناء استراتيجيات لمواجهة هذا التغيير كنوع من رد
الفعل للبيئة. إن هذا النموذج يقوم على مجموعة من الافتراضات:
أ- إن
أهم الافتراضات التي يقوم عليها النموذج التكيفي هو أن البيئة هي السبب الرئيس في
أي تصرف من تصرفات المنظمة. فلا بد من وجود متابعة لصيقة للبيئة, والاستجابة لأي
تغيرات يمكن أن تحدث بها من خلال التعديل الدائم والمستمر في استراتيجيات المنظمة.
ولا يوجد أي وقت بين تحليل البيئة وتكوين وتنفيذ استراتيجيات المنظمة كما يفترض
النموذج الخطي.
ب- أن
البيئة التي ينظر إليها النموذج التكيفي هي بيئة أكثر اتساعاً وأكثر عمقاً. فبينما
ينظر النموذج الخطي إلى المستهلكين باعتبارهم أهم العوامل البيئية في تكوين
الاستراتيجيات فإن النموذج التكيفي يأخذ أطرافاً أخرى مثل المنافسون, والاتجاهات
البيئية الأخرى كعنصر أساس في بناء الاستراتيجيات. فمثلاً تعتبر حصة المنظمة في
السوق وطبيعة مزيج المنتجات الذي تقدمه المنظمة والتغطية الجغرافية للأسواق
والمزايا التنافسية التي تتمتع بها المنظمة هي أيضاً عناصر هامة في النموذج
التكيفي عند وضع استراتيجيات المنظمة.
ت- إن
التغيرات التي تحدث في استراتيجيات المنظمة هي رد فعل للتغيرات التي تحدث داخل
مجموعات الأفراد ذوي المصلحة أو المخاطرة مع المنظمة. وينظر إلى هذه المجموعات على
أنها تحالفات مؤقتة تحكمها وجود مصلحة واحدة أو مواجهة مخاطر واحدة مع المنظمة.
فأي تغيير في دوافع هذه التحالفات, أو في تكوينها ذاته يؤدي دائماً إلى تغيير في
استراتيجية المنظمة, ولكن قدر التغيير يتوقف على قوة المساومة التي تتمتع بها
المجموعة المتحالفة.
ث- إن
الإداريين داخل المنظمة يتمتعون بقدر من الرشد المحدود. ففي الواقع العملي يفترض
النموذج التكيفي بأن الإداري لا يستطيع أن يتفهم ويستوعب كل المعلومات,
والاحتمالات, والبدائل المتاحة أمامه كما يفترض النموذج الخطي. ولكن بدلاً من ذلك
فإن الإداري يقوم بوضع نموذج يبسط من واقع التطبيق ثم يتعامل مع هذا النموذج عندما
يقوم باتخاذه للقرارات. ومعنى ذلك أن درجة الرشد في القرار ليست مطلقة ولكنها
محدودة بقدرة الإداري على التعامل مع المعلومات ومن ثم فهي أمر نسبي يختلف من
إداري لآخر.
§ النموذج
التفسيري: يحاول النموذج التفسيري أن يعطي بعداً أكثر عمقاً للنموذج التكيفي من
خلال الاستعانة بالمفاهيم والكتابات التي توجد في ميدان حضارة المنظمة, أو في
ميدان الإدارة الرمزية. فمن خلال استخدام الاستعارة والعبارات المجازية, أو من
خلال استعمال الرموز, أو من خلال استخدام مفهوم الإطار الفكري المرجعي, يمكن لمن
يضع الإستراتيجيات في المنظمة أن يؤثر على تكوين اتجاهات إيجابية للذين يساهمون في
بناء أو تنفيذ الاستراتيجيات وذلك لتحقيق النتائج التي ترغب المنظمة في الوصول
إليها. والواقع ووفقاً لهذا النموذج فإن دور الإداري في الإدارة العليا هو عبارة
عن تصنيف المعلومات البيئية إلى مجموعات محدودة ( كالبيئة الاجتماعية, أو الفنية,
أو السياسية..الخ, ونقل هذه المعلومات إلى الإداريين في المستويات الأدنى والذين
يحددون الأهمية النسبية لكل مجموعة وفقاً لأغراض ورسالة المنظمة وأهدافها. فالدور
الرئيس لرجال الإدارة العليا وفقاً لهذا النموذج هو قيامهم بتنقيح وتنقية
المعلومات وتصنيفها والاستمرار في ذلك حتى تتم عملية وضع الاستراتيجيات الخاصة
بالمنظمة. والواقع أن هذا النموذج مثله مثل بقية النماذج يقوم على مجموعة من
الافتراضات الأساسية والتي قد تتخذ كذريعة لهؤلاء الذين ينادون باستحالة التخطيط
الاستراتيجي, وهذه الافتراضات هي:
أ- أن
المنظمة والبيئة تحتوي على العديد من المتغيرات المعقدة بصورة تجعل الواقع
التنظيمي غير متواتر أو غير متجانس. فبدون وجود الأطراف التي تعمل على تفسير معنى
هذه المتغيرات فإنها تعد مصفوفة لا معنى لها على الإطلاق. ومعنى ذلك أنه يستحيل
على فرد واحد أن يدرك ويعي كل المعلومات التنظيمية والبيئية. ومن ثم فإن الجميع
لابد وأن يشارك في تفسير معنى هذه المعلومات وتنقيحها بصورة تمكن من استخدامها في
وضع الاستراتيجيات.
ب- أن
الدافعية – وليست المعلومات – هي الحافز الرئيس والمفتاح الحقيقي في نجاح مفهوم
الإدارة الإستراتيجية. والواقع أن هذا الافتراض هو افتراض خطير لأنه يقود بعض
الأفراد إلى الاعتقاد بأن المنظمة يمكن أن تنجح من دون المعلومات إذا توافرت
الدافعية للأداء. ولا يوجد من يجادل حول أهمية الدافعية في كل الأنشطة وفي تأثيرها
على أداء الأفراد. ولكن لا يمكن القول أبداً بأن الدافعية والمعلومات معاً هما
شيئان لازمان لنجاح المنظمة.
ت- أن
نشاط وضع الاستراتيجية هو نشاط يخص كل الأطراف العاملة بالمنظمة وليس رجال الإدارة
العليا وحدهم. فتفسير معنى المعلومات البيئية هي وظيفة كل فرد يعمل في المنظمة.
فمثلاً قد تعتمد المنظمة على رجال بيع في تفسير الاتجاهات الخاصة بالمبيعات.
والأفراد العاملون على الآلات قد يسألون عن تقديم تفسيرا لعدم تماشي أداء الآلات
مع الأداء المتوقع. ومثل هذه التفسيرات تقدم احتمالات لأي تصرف في الفترة المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق